نازحو سوريا يلجأون لتشييد بيوت من الطين لمواجهة الشتاء
Al Sharq
مع اقتراب فصل الشتاء وطول المقام في خيام النازحين السوريين من إدلب، سارعت أم حمزة السورية (34 عاماً) بمساعدة أولادها الأربعة لبناء منزل من طين يحميهم من البرد، ويمنحهم
مع اقتراب فصل الشتاء وطول المقام في خيام النازحين السوريين من إدلب، سارعت أم حمزة السورية (34 عاماً) بمساعدة أولادها الأربعة لبناء منزل من طين يحميهم من البرد، ويمنحهم بعض الدفء والخصوصية. وتقول أم حمزة لـ"الشرق": "تعرضت خيمتنا للغرق بمياه الأمطار خلال الشتاء الماضي، وتسربت المياه إلى الأغطية والوسائد التي ننام عليها، ولا نريد أن تتكرر المأساة هذا الشتاء أيضاً، لذلك قررت أن أستعيض عن الخيمة القماشية بغرفة من طين تحمينا من الرياح والعواصف والأمطار". وتضيف: "فقدت زوجي بغارة حربية منذ نهاية عام 2019، ونزحت مع أطفالي من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي إلى مخيم في مدينة أطمة الحدودية مع تركيا، ولا قدرة لي على بناء منزل من الإسمنت بسبب ارتفاع تكاليفه". وأجبرت مجموعة عوامل نازحين في إدلب على العودة لبناء بيوت الطين باعتباره الحل الأنسب والمتاح لتلك العوائل، مع اقتراب فصل الشتاء وطول سنوات النزوح، والرغبة بالحصول على بعض الدفء، وفقدان الأمل بالعودة إلى منازلهم. "الخيمة لا تختلف عن السكن في العراء، أما الغرفة الطينية فتتميز بعزلها لأشعة الشمس وتقلبات الطقس" تقول أم حمزة موضحة لـ"الشرق" سبب تفضيل الغرفة الطينية. وتضيف: "للبيوت الطينية مزايا عدة، فتكلفتها بسيطة، ومعظم مكوناتها متوفرة في الطبيعة، ولا تستغرق وقتاً كبيراً لبنائها، كما يمكنها أن تأوي أطفالنا وتحميهم من برد الشتاء، وحر الصيف، والجانب الأهم أنها تكون دافئة في الشتاء، وبالمقابل تكون باردة صيفاً". وتبين أم حمزة أن الشيء المتعب أن هذه الغرف الطينية تتطلب أعمال ترميم متواصلة، بسبب تعرضها إلى التآكل والتشقق نتيجة تعاقب الأحوال الجوية، حيث يصبح الطين هشاً ويؤدي لتسريب المياه إلى الداخل إذا لم يرمم. من جانبه سمير الأسعد (40 عاماً) النازح من مدينة سراقب، يشرح لـ"الشرق" طريقة بناء الغرفة الطينية، قائلاً: "أقوم برصف الحجارة وأثبتها من الداخل والخارج بمادة الطين، بعد خلط التراب مع القش والماء، أما السقف فيتكون من عارضات خشبية، يوضع فوقها شادر من النايلون". ويؤكد أن بيوت الطين كانت تنتشر في الريف السوري قبل ظهور الإسمنت، لكن حاجة الناس إلى مأوى اقتصادي في ظل الحرب أعادت هذه البيوت إلى الظهور من جديد في بعض المناطق السورية. ويبين الأسعد أنه يعيش مع زوجته وأولاده الخمسة في خيمة صغيرة، قبل أن يبني غرفة طينية بمساعدة زوجته، وعن ذلك يقول: "الخيمة سريعة الاحتراق بسبب طبيعة المواد المصنوعة منها وهي القماش والنايلون، كما عانينا فيها بسبب البرد القارس وتسرب المياه إلى داخل الخيام، علماً أن عملي المتقطع في البناء لا يتيح لي إمكانية تحسين أوضاع أسرتي المعيشية، بسبب الغلاء الكبير في إيجارات المنازل وعدم قدرتنا على تحملها". حسين الكامل (44 عاماً) مدير مخيم عشوائي بريف إدلب الشمالي، يتحدث لـ"الشرق" عن أحوال النازحين: "القصف وعدم استقرار الوضع الأمني في إدلب لا يسمح للنازحين ببناء منازل إسمنتية، إلى جانب الفقر والغلاء، ولكن سوء أحوالهم في الخيام التي أُنشئت للحالات الطارئة، دفعهم للبحث عن بديل وإيجاد سكن مناسب لهم، لذلك وجدوا في الغرف الطينية مأوى أفضل لهم نوعاً ما، مقارنة بالخيام، لأن هذه الغرف تستطيع على الأقل أن تقيهم برد الشتاء وحر الصيف". وخلال السنوات الماضية نزح ملايين المدنيين إثر قصف النظام السوري لمدنهم إلى المناطق القريبة من الحدود التركية السورية، ويعيش هؤلاء النازحون أوضاعاً صعبة في مخيمات إدلب بسبب نقص الأغذية والأدوية إلى جانب انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وهطول الأمطار.