البكري يروي المعاناة لـ الشرق: الأسير الكرد يستصرخ العالم أن يوقفوا آلام جسده
Al Sharq
في التاسع عشر من أيلول عام 2016 أطلق جيش الاحتلال الصهيوني الرصاص على الشاب المقدسي أيمن الكرد في منطقة باب الساهرة بالقدس وأصابه بـِ 13 رصاصة اخترقت عشرة منها إحدى
في التاسع عشر من أيلول عام 2016 أطلق جيش الاحتلال الصهيوني الرصاص على الشاب المقدسي أيمن الكرد في منطقة باب الساهرة بالقدس وأصابه بـِ 13 رصاصة اخترقت عشرة منها إحدى ساقيه فيما رصاصتان اخترقتا ساقه الأخرى ورصاصة استقرّت في عموده الفقري كانت سببًا في إصابته بشلل سفلي، وكعادة الاحتلال ترك أيمن ينزف قرابة الساعة قبل اعتقاله. وبعد عامين حكمت محكمة الاحتلال عليه بالسجن 35 عامًا قضى منها خمسة أعوام، وفرض عليه غرامة مالية تفوق 30 ألف شيكل أي قرابة 93 ألف دولار، لقد سَلَب عمره وصحّته، وترك الألم ينهش جسده دون أن يقدَّم له أي علاج. الأسير المحرر محمد البكري الذي قضى في السجن 7 سنوات كان الأقرب للأسير أيمن، فقد انتقل من القسم الذي يجمعه بأخيه الأسير أحمد المحكوم بالسجن 8 سنوات إلى القسم الذي يقبع فيه أيمن من أجل أن يسانده ويقدم له كل ما باستطاعته من خدمة. محمد يروي "للشرق" حكاية الألم الذي يعيشه أيمن -25 - عامًا في سجن الجلبوع، ذلك الألم الذي يصفه بأنه "لا يمكن أن يستوعبه ويحتمله بشر"، فيقول:" أيمن يفتقد أدنى حقوقه الإنسانية في السجن، لا علاج ولا دواء، حتى إن عشرات الشظايا المنتشرة في جسده منذ إطلاق النار عليه أي قبل خمس سنوات ما تزال موجودة في جسده ويمكن رؤيتها بالعينِ، في حين ترفض إدارة السجن تقديم أي حل أو علاج له وكلما طلبنا من الطبيب في عيادة السجن أن يقوم بالنظر في حال أيمن يرد بأنه "وضعه تمام" ولا يستدعي الفحص أو العلاج". ويضيف:" لا فراش خاص يلقي عليه أيمن جسده المقعد، فحتى فرشته رقيقة مهترئة، وكلما طلبنا توفير فرشة طبية لتريح جسده قليلًا رفضت إدارة السجن، ناهيك عن عدم وجود أي عوامل تدفئة تقيه البرد الذي ينخر بعظامه الهزيلة". حرمان أبسط الحقوق ويروي:" كان الجو قارس البرودة في سجن الجلبوع، والغطاء الوحيد الذي يغطي أيمن لا يكفي لغمره بالدفء الذي يحتاجه جسده المُقعَد، فإدارة السجن لا تسمح بإدخال غير ذلك الغطاء، وكنت أتمدد بالقرب منه، وبالطبع كنت أشعر بالبرد ككل الأسرى فكيف بأيمن الذي يعيش والبلاتين في رجليه؟ لكن عينيّ لم تكونا لتفارقان أيمن، فطوال العامين اللذّين قضيتهما قربه في السجن لم أكن أنام إلا بعد أن أطمئنّ أنه قد غفَى". وأخيرًا، غفى أيمن بعد أن ملّ جسدُه المنهك من آهاته، ونالت منه أوجاعُه وآلامُه، وقد انكمشت يداه فوق صدره، ليسحب محمد غطاءه الوحيد على الفور ويضعه فوق غطاء أيمن، ليدفئ به جسده فيما هو غطّى بطنَه بمنشفة.. يوضح، وحين استيقظ أيمن وهو يشعر بدفء وفوجئ بما فعل محمد ظل طويلًا يحاول أن يقدم أي شيء لصديقه الذي لم يتركه لحظة. ويتبع محمد:" الشلل السفلي الذي يعانيه أيمن وفقدانه للإحساس يمنعه من القيام بعملية الإخراج إلا مرةً واحدةً في الأسبوع وذلك بعد تناول حبتين خاصتين من الدواء، ويمكث في تلك العملية عدة ساعات وقد قطعت إدارة السجن عنه ذلك الدواء ذات يوم مدة 28 يومًا لزيادة تعذيبه". وصل الضغط النفسي والألم البدني أقصى درجاته عند أيمن فيصف محمد:" قام أيمن فجأةً يصرخ ويمزق ملابسه قهرًا وألمًا، فاقتربتُ منه والألم يأكل قطعةً من قلبي، احتضنني وانفجر في حالةٍ هستيريةٍ من البكاء وهو يقول لي "لا تتركني ابقَ معي"، فلم يكن أمامي وأنا الذي أماثله في العمر غير أن أحاول تهدئته بقراءة القرآن والمسح على رأسِه والدموع تنسكب من عينييّ شفقة على حال صديق سجنِي حتى غلبه النوم". ويشرح "للشرق":" آلام محمد لا تتوقف أبدًا إنه ينام متألمًا وبالطبع هو لا ينام ممددًا إنما مستقيم الظهر، وبالكاد يستطيع النوم لأربع ساعات يوميًا وذلك بعد الحصول على حبوب المنوم، ويأكل متألمًا ويجلس متألمًا ويذهب إلى الحمّام متألمًا، إنه لا يفعل أي شيء إلا والألم يصاحبه". محمد أنهى محكوميته وخرج من السجن تاركًا قلبَه وعقله هناك، يقول مسترجعًا وداعه لأيمن: "احتضنني أيمن قرابة الخمس دقائق، اعتصرني ودموعنا لا تتوقّف "، لقد كان دخول السجن أهون على محمد من خروجِه وترك أيمن بتلك الحالية المبكية. يعلق:" في السجن كان أيمن كل حياتي، لكن من الإجرام أن يبقى أيمن أسيرًا، إنه في حالة يُرثى لها، إنه يموت ببطء على يدي السجان الصهيوني، وبات طلبه الوحيد "أوقفوا آلام جسدي". يذكر أن المقدسي أيمن نفذ عملية طعن عند باب الساهرة، أسفرت عن إصابة عنصرين من شرطة الاحتلال بجروح، وذلك انتقامًا لصديقه وبن خالته الذي أعدمته قوات الاحتلال بدم بارد وتركته هو الآخر ينزف حتى الموت.